د.جميل مشيقب
إن تسليم القيادة إلى الجهلة يعني أن نضع مصير أمتنا بين أيدي من لا يمتلكون المعرفة اللازمة لإدارة شؤون البلاد . في عالم يتسم بالتعقيد والتغيرات السريعة ، تحتاج المجتمعات إلى قادة يتمتعون بالقدرة على التفكير النقدي واتخاذ قرارات مستنيرة . لكن عندما نتجاهل هذه المعايير ونمنح السلط ة لمن يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة ، فإننا نفتح الأبواب أمام الفوضى والارتباك .
يعتبر الجهل من أكبر المخاطر التي تهدد أي مجتمع. فعندما يتولى القيادة أشخاص لا يفهمون التحديات التي تواجههم ، فإنهم غالبًا ما يتخذون قرارات غير مدروسة . هذه القرارات قد تؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية ، وزيادة الفساد ، وتدهور القيم الاجتماعية . وبالتالي ، تصبح النتائج وخيمة على المجتمع بأسره .
علاوة على ذلك ، تسليم القيادة للجهلة يعزز ثقافة الاستبداد والتمييز . فقد نشهد تصاعدًا في ظاهرة “الواسطة” و”المحسوبية”، حيث يتم تفضيل الأفراد بناءً على العلاقات الشخصية بدلاً من الكفاءة والقدرة . وهذا يؤدي إلى تآكل المؤسسات وتراجع الأداء العام .
إن التعليم هو الأساس الذي يبنى عليه أي مجتمع ناجح . لذا ، يجب أن نعمل على تشجيع التعليم والتدريب المستمر ، ليس فقط على المستوى الأكاديمي ولكن أيضًا في مجالات القيادة والإدارة . يجب أن يكون لدينا قادة قادرون على فهم المتغيرات العالمية والمحلية ، ولديهم القدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة .
كما أن من المهم أن نكون كأفراد ومجتمعات واعين لأهمية اختيار قادتنا بعناية . يجب علينا أن نحلل خلفياتهم ، وأن نبحث عن خبراتهم السابقة ، وأن نتأكد من أنهم يحملون رؤية واضحة لمستقبل البلاد . فالمستقبل لا يُبنى على الجهل ، بل على المعرفة والقدرة على الابتكار .
يجب أن نعي جيدًا أن تسليم القيادة للجهلة ليس مجرد خطأ ، بل هو تهديد وجودي . علينا أن نكون يقظين ، وأن نعمل بجد لضمان أن تكون قيادتنا في أيدٍ أمينة ، قادرة على اتخاذ القرارات الصائبة لضمان مستقبل مشرق لأبنائنا .